مما لاشك فيه ان معظم دول العالم تفرض ضريبة على استخدام الطرق وخاصة على شاحنات النقل الكبيرة. والهدف من فرض مثل هذه الضريبة هو من اجل تجديد طرق المواصلات البرية التي تتهالك مع الزمن كنتيجة للاستخدام وهذا شيء لا غبار عليه ولا يختلف عليه اثنان .لكن هذه الدول تفرض مثل هذه الضريبة للطرق التي استثمرت فيها الدولة او بالشراكة مع القطاع الخاص اموال كبيرة وبنيت بمواصفات دولية تبرر فرض مثل تلك الضرائب .
في بلادنا تقريبا جميع طرق المواصلات البرية التي تبنيها الدولة حصرا تفتقد للمواصفات الفنية المتعارف عليها دوليا. حيث ان معظم مقاولي الطرق لا ينفذون الاعمال وفقا للشروط والمواصفات الفنية الموضوعة لهم والسبب ان هؤلاء المقاولين اما ان يكون بعظهم غير مؤهلين أو أن على المقاول ان يدفع جزء كبير من قيمة المقاولة التي رست عليه لمسؤولين وافراد جاء بهم الفساد للواجهة ولهذا يكون من الصعب عليه الالتزام بالمواصفات الفنية المقررة في العطاءات والامثلة كثيرة.
لا ادري لماذا الآن بالذات في الوقت الذي تفتقد البلد فيه الى الحد الادنى من مناخ الاستثمار ويغادر تجار الاستيراد عدن الى الحديدة بعد تحويل استيراد التجار الشماليين عبر ميناء الحديدة وفي وقت تتدهور فيها اسعار الصرف يجري تنفيذ اجراءات الزام القاطرات التي تنقل الاسمنت من مصانع الاسمنت الواقع في المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة الشرعية في ابين ولحج وعدن وبصورة انتقائية تقريبا اضافة الى قطارات الحديد بحمولة معينة تمثل نصف حمولة القاطرة المقررة تقريبا على الرغم ان معظم الطرق البرية في بلادنا لا تتوفر فيها الشروط الفنية المعروفة عالميا للأسباب التي ذكرناها حيث تقرر ان على كل قاطرة ان تقوم بوزن حمولتها عبر الميازين المنتشرة في الطرق منذ عام 2016 .على الرغم انه كان في السابق كل قاطرة تدفع 50الف ريال بشكل مقطوع ويسمح لها بمواصلة رحلتها وهذا لا يعني ان مثل هذا الاجراء سليم .
نحن مع تطبيق الوزن على الشاحنات التي تحمل البضائع لكن يجب ان يكون وزن ما تحمله الشاحنة يتم حسب معايير المصنع اولا والحفاض على الطرق ثانيا. ولكن علينا اولا ان نوفر الطرق التي تتوفر فيها الشروط والمواصفات الفنية الدولية هذا من جهة من جهة اخرى لا ينبغي ان نتعسف التاجر بحيث نفرض على القاطرة التي حمولتها المعيارية من المصنع اربعين الى خمسي طن يتم عند الوزن الزامها بنقل حمولة 20 طن فقط وافراغ الحمولة المتبقية وهو ما يعني ان القاطرة اصبحت تتحرك بنصف حمولتها وهو ما يرفع من تكلفة النقل الى نحو خمسة الف للوحدة" واصل تعز او حضرموت "اي لكل كيس اسمنت" .وهذا يؤدي الى ارتفاع تكلفة البناء كون الاسمنت والحديد مكون اساسي من مكوناته تضاف الى ذلك الاتاوات الاخرى التي يتعين ان يدفعها سائقي الناقلات في النقاط العسكرية وشبه العسكرية ويتحملها اولا واخيرا المستهلك النهائي يحدث هذا في وقت يعاني قطاع العقار من ركود منذ اكثر من عام .
ما حدث ايضا انه رغم التوجيهات الواضحة فإن اجراءات تطبيق قرار الوزن على القاطرات التي تحمل مادة الاسمنت والحديد على وجه الخصوص لازال يتم من قبل النقاط العسكرية والافراد وليس من قبل الجهة المعنية ممثلا بصندوق الطرق التابع للمؤسسة العامة للطرق المخولة قانونا بالإشراف على ميازين الطرق في وقت لازالت فوضى الميازين قائمة رغم ان التوجيهات تنص على اعتماد ميزان واحد في كل محافظة فقط.
عدا ان تطبيق قرار الوزن ربما جاء في الوقت الخطأ وفي ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة والتعقيد وفي وقت تحتاج منشآت صناعة الاسمنت وقطاع العقار المزيد من الراعية والاهتمام من قبل الدولة وتوفير الظروف البيئية الداعمة في ضوء ما يشهده قطاع العقار من ركود نتيجة لعوامل محلية وخارجية.