الهجرة .. مزاعم أهل السياسة تفندها أرقام الاقتصاد
11/05/2024 20:32:15
مع اقتراب كل صراع انتخابي تحضر الهجرة باعتبارها وقودا، ذا جودة وفعالية، في هذه المعارك، فهَّم رجال السياسة، في هذه المحطات، مشجب يعلقون عليه فشلهم في التدبير.

هكذا، يصبح المهاجرون سببا وراء كل الأزمات التي تعصف بالبلد، من المشاكل الاجتماعية حتى المعضلات الأمنية مرورا بقضايا الاقتصاد.

مزاعم أهل السياسة تفندها أرقام الاقتصاد، فالقول بأن الهجرة تشكل عبئا على الاقتصاد كلام غير دقيق، وفقا لأحد الخبراء في البنك الدولي، الذي يعتبر "الهجرة يمكن أن تصبح قوة دافعة لتحقيق الرخاء والتنمية،  فإذا ما أديرت بشكل سليم فإنها تعود بالفائدة على الجميع، في البلدان الأصلية وبلدان المقصد".

نتائج تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعزز هذا الرأي، إذ خلصت إلى أن "الهجرة دعمت النمو في البلدان المتقدمة العام الماضي خلال فترة شهدت نقصا حادا في اليد العاملة"، خصوصا تلك الدول التي شهدت عام 2023 تدفقات للهجرة، وفي مقدمتها كل من البرتغال وأيرلندا وكندا وإسبانيا وأستراليا التي سجلت أكبر مساهمات للهجرة في نمو القوى العاملة، حيث "كانت لهذا التطور آثار إيجابية في المعروض من العمالة، وكان مفيدا بشكل عام للناتج المحلي الإجمالي".

من جهته، يحصر تقرير البنك الدولي "المهاجرون واللاجئون والمجتمعات"، لعام 2023، تعداد المهاجرين في نحو 184 مليون فرد على مستوى العالم، ما يمثل نسبة 2,3 % من إجمالي سكان العالم، أغلبهم كانت الدوافع الاقتصادية سببا وراء هجرتهم، نحو البلدان المرتفعة الدخل، فمنطقة الخليج مثلا تستوعب 17 % (31 مليون مهاجر) من إجمالي المهاجرين في العالم.

اعترافا بدور المهاجرين في اقتصادات الدول المتقدمة، سبق لخوسيه لويس إسكريفا، وزير الهجرة والإدماج والضمان الاجتماعي الإسباني، أن أكد بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أن "معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعاني نقصا في العمالة.. الوضع لا يمكن إلا أن يزداد سوءا في المستقبل".

لذا، وتحقيقا للاستقرار السكاني في المستقبل، يضيف المسؤول الإسباني "سيحتاج الاتحاد الأوربي إلى قدوم ما لا يقل عن 50 مليون شخص من الخارج، خلال السنوات الـ25 المقبلة".

وزير العمل الفرنسي الأسبق أوليفيه دوسبوت أقر بدوره، بأن المهاجرين يحمون وظائف حيوية في فرنسا، حيث اعتبر في لقاء مع الإذاعة الفرنسية أن "بعض المهن كادت تختفي لولا وجود العمال المهاجرين الذين يشتغلون فيها حاليا"، ما حدا بالساسة في فرنسا إلى طرح فكرة استحداث "تصريح إقامة للمهن" يهم استقدام العمالة لمساعدة القطاعات التي تعاني نقصا في اليد العاملة.

في الجانب الآخر، تسهم تحويلات المهاجرين في إنعاش اقتصادات الدول النامية، فآخر تقرير للبنك الدولي، شهر ديسمبر الماضي، يفيد بأن هذه التحويلات شهدت نموا يقدر بنحو 3,8 % في عام 2023، بعدما بلغ إجمالي التحويلات 669 مليار دولار، على الرغم من أنه أقل نمو يحقق في العامين الماضيين.

تصدرت الهند قائمة الدول التي تلقت أكبر قدر من التحويلات بـ125 مليار دولار، تلتها المكسيك (67 مليار دولار)، فالصين (50 مليار دولار)، والفلبين (40 مليار دولار) ثم مصر (24 مليار دولار)، بالنسبة لاقتصادات أخرى، يشكل تدفق هذه التحويلات، نسبة كبيرة من إجمالي ناتجها المحلي، مثلهما هو حال: طاجيكستان (48 %) ولبنان (28 %) ونيكاراغوا (27 %).

يؤكد الاقتصاد، بأرقامه ونسبه التي لا تتقن المجاملة، أن الهجرة باتت "البعبع" الذي تتعالى الأصوات للتحذير منه صباحا، ثم لا تلبث أن تسعى وراء ثماره في المساء، فلولا هذه الظاهرة لكنا أمام عالم آخر غير ذاك الذي نعيش فيه اليوم.

 

الاقتصادية



 
عوده الي الاعلى

جميع الحقوق محفوظة لدى مال واعمال